من طرف ~ لج ـــــين~ الجمعة أكتوبر 29, 2010 4:35 am
- 4 –
كاد التعب يقتل سامورا عندما رنت الساعة معلنة الثانية عشرة.. همست: عملت حتى الآن سبع ساعات.. لكن جسمها كان محطماً.. لقد صعدت إلى الطابق السابع سبعين مرة ثم نزلت.. وقف العمل كله.. وذهب العمال إلى المطعم ليتناولوا طعام الغداء.. ويستريحوا بعدها في غرفهم نصف ساعة..
دخلت المطعم.. فالتفت إليها العمال والعاملات كلهم.. سمعت سوندا تناديها: سامورا.. تعالي إلى هنا.. أسرعت سامورا إليها.. وراحت تتناول طعامها كالبرق.. إنها متعبة.. وتريد أن تستريح شعرت بوطأة العمل المرهق منذ اليوم الأول.. أكلت نصف طعامها.. وقامت مسرعة إلى غرفتها.. شدتها سوندا إلى كرسيها وقالت: كل طعامك يا سامورا.. إن عملك متعب.. إنك بحاجة إلى الطعام حتى لا تمرضي.. نظرت إليها بامتنان.. لكنها تركتها وقامت متثاقلة تريد أن تذهب إلى غرفتها، فالتعب قد هدّها هدّاً..
تناولت سوندا طعامها بسرعة.. وقامت لتلحق بسامورا.. وجدتها مطروحة كالميتة على سريرها.. إنها تئن من التعب.. اقتربت منها وقالت: يبدو أنك قد تعبت كثيراً يا سامورا.. لكن هذا اليوم هو يوم شاذ.. فالمصعد معطل.. ولو كان غير معطل لكان العمل مريحاً.. جلست على سريرها وراحت تتأمل وجهها الجميل.. ثم أسرعن إلى خزانتها وأخرجت منها حبة، وملأت كوباً من الماء واقتربت من سامورا وقالت: خذي هذه الحبة المنشطة.. قد يخفّ تعبك يا سامورا.. ابتلعت سامورا الحبة مع قليل من الماء وهمست: شكراً لك يا سوندا.. أنت صديقة رائعة.. سأرد لك الجميل يوماً.. قاطعتها سوندا: سينتهي العمل في السابعة مساء.. في السابعة والنصف يجب أن ننتهي من تناول طعام العشاء، وفي الثامنة يجب أن تنامي.. أجابت سامورا: لكن مسيو أندريه قد دعاني للسهر معه الليلة.. سألت سوندا باستغراب عظيم: مدير التشغيل؟!.. يا ويلهم.. ومنذ اليوم الأول يا سامورا يريدون أن تسهري معهم.. جلست سامورا وقد هيجها استغراب سوندا فسألتها: وما المانع يا سوندا؟!.. إنهم يريدون أن يخففوا عني.. وفي الليلة التي بعدها أسهر مع جابون مدير قسم الكي.. صفرت سوندا صفيراً طويلاً وقالت: عليهما اللعنة.. احذري يا سامورا.. هؤلاء الرجال أنانيون.. لا يريدون إلا متعتهم.. إياك أن تستسلمي لهم.. أحذرك يا سامورا..
كانت سامورا تفكر في حديث سوندا.. حين رنت الساعة معلنة الواحدة تماماً.. فقد بدأ العمل من جديد.. دخل جابون إلى غرفة سامورا فوجدها ممددة على سريرها.. فابتسم وقال:
بدأ العمل يا سامورا، صاحت سوندا: علمت أن المصعد قد عاد يعمل التفت إليها جابون وأجاب: هذا عظيم لو كان صحيحاً يا سوندا.. لكنه عاد فتعطل.. عليه اللعنة ما أسوأه.. تنهدت سامورا بعمق.. كأنها تحمل فوق صدرها جبلاً من الهمّ.. أسرعت خارجة وأسرع معها جابون يلاطفها.. تابعتهما سوندا بقلق ثم صاحت: سامورا.. سنلتقي في السابعة في المطعم.. أليس كذلك؟.. أجابتها سامورا: طبعاً.. طبعاً يا سوندا.. لكن جابون همس لها: ألن تسهري الليلة مع مسيو أندريه يا سامورا.. أجابت: نعم.. نعم.. سيكون ذلك بعد العشاء يا سيدي.. أمسك بيدها بلهفة وقال: أرجو أن تتناولي العشاء معي غداً قبل السهرة.. هل يسرك ذلك يا سامورا؟ سأحضر لك طعاماً رائعاً.. سحبت يدها منه بلطف وهمست: لا بأس إن كنت ترى ذلك..
وصلا إلى المنشر.. فضحك جابون وقال: لقد انتهى العمل في المنشر يا سامورا.. ستوزعين الصناديق التي كواها الكواؤون من الطابق السابع على أقسام المشفى.. وتستلمين الثياب الوسخة وتوصلينها إلى قسم الغسيل.. هيا.. إن شعرت بالتعب فسوف أرسل لك من يساعدك.. تركها.. وذهب..
كان يقول في نفسه: لقد عطلت المصعد بعد أن أصلحوه.. لتهلك سامورا من التعب.. لا أريدها أن تسهر مع مسير أندريه الليلة.. يجب أن لا يسبقني إليها أحد.. بينما كانت سامورا تصعد الدرجات بخفة لتنجز عملها المطلوب.
فوجئت حين رأت سوندا خارجة من المشفى.. عجبت لها.. وتساءلت: إلى أين هي ذاهبة.. أحست بالقلق.. إنها الوحيدة التي تعطف عليها.. أما الآخرون فينظرون إليها نظرات شرهة عجيبة.. وبعضهن ينظرن إليها بحقد.. لم تعرف لماذا.. كانت تحمل صناديق الملابس المكوية بسرعة.. كانت العاملات يبتسمن ويقلن: هذه المسكينة ستندم على ما تبذله من جهد.. أما هي فكانت قلقة لغياب سوندا.. كانت كلماتها الحلوة تطربها إنها تواسيها حين تتعب.. قالت مع من سأتناول طعامي اليوم في هذا المكان الغريب.. ومن سيخفف عني من تعبي في الساعة السابعة والنصف.. قلقت، وحزنت.. لكنها طارت من الفرح حين رأت في الساعة السابعة سوندا تدخل المطعم.. أسرعن إليها وسلمت عليها بحرارة.. فرحت سوندا واقتربت من أذنها وقالت لها: أتيتك بهدية رائعة يا سامورا.. ستفرحين بها لا شك.. عجبت سامورا.. وزاد فرحها.. إنها لم تعرف مثل هذا العطف حتى من أمها وأبيها..
ارتجفت من الانفعال حين ذكرت أمها وأباها.. لكنها قالت لنفسها: وداعاً يا أبي.. وداعاً يا أمي.. قد لا ألقاكما أبداً.. لكنها عجبت لهذا الخاطر الذي خطر لها.. لم تفق من خيالاتها إلا حين سمعت ضحكة سوندا، انتبهت فسمعتها تقول لها: لماذا لا تجلسين يا سامورا.. نظرت حولها فرأت جميع الرجال والنساء ينظرون إليها.. فاحمر وجهها خجلاً وجلست قرب سوندا مسرعة.. تناولت طعامها ببطء.. عرفت أن نصيحة سوندا كانت لها غالية.. فقد شعرت بالجوع الشديد طوال الساعات السبع الماضية لأنها لم تأكل طعاماً كافياً.. التهمت جميع ما أعطوها من طعام.. ابتسمت سوندا وفرحت بسامورا الذكية ثم قامت معها إلى غرفتهما المشتركة..
تمددت سامورا على سريرها بينما أسرعت سوندا إلى خزانتها، وأخرجت منها علبة رائعة الألوان.. اقتربت من سامورا وقالت لها: هذه هديتي لك يا سامورا..
كادت سوندا تصعق من الدهشة حين قالت سامورا: أهي لعبة يا سوندا.. كم أتمنى أن تكون لي عروس ألهو بها..
انهمرت الدموع من عيني سوندا وهمست لنفسها: ألا لعنة الله على هذا المجتمع الذي أجبرك على العمل منذ طفولتك.. كان يجب أن تلعبي في بيتك.. لا أن تكوني عاملة في أكثر الأعمال تعباً.
عجبت سامورا لها: أسرعت إليها وقالت: هل أحزنتك يا حبيبتي.. لم أقصد ذلك يا سوندا.. سامحيني يا سوندا.. ابتسمت سوندا وقالت: عفواً يا سامورا.. تذكرت أنني لقيطة، فتمنيت أن يكون لي أب وأم وأخوات.. فبكيت..
التفتت سامورا.. ونظرت إلى النافذة.. وهمست: وما فائدة الآباء والأمهات إن كانوا لا يسألون عن أبنائهم وبناتهم.. ولا يدفعون لهم تكاليف العلاج؟!..
اقتربت منها سوندا وهمست والدموع تنحدر من عينيها: لا تحزني يا سامورا.. كفاك من التعب.. إننا كلنا مظلومات في هذا المجتمع الملعون..
التفتت إليها سامورا وراحت تمسح دموع عينيها ودموع سوندا.. ضمتها سوندا إلى صدرها وهي تقول لها: حبيبتي سامورا.. إياك أن يخدعك الرجال.. إنهم لصوص وشياطين وذئاب.. وأنت صغيرة.. وحلوة.. تعالي لأعطيك هديتي.. تعالي.. تعالي يا حبيبتي..
تناولت سوندا العلبة التي أخرجتها من خزانتها.. واقتربت بها من سامورا التي كانت تفكر: يخدعني الرجال؟! هم لصوص وشياطين وذئاب!! لا أفهم معنى هذا الكلام.. بقيت سوندا أمامها لحظات دون أن تنتبه إليها سامورا.. كادت سوندا تبكي من جديد.. ظنت أن سامورا لا تريد هديتها.. كادت تتهاوى على الأرض.. لكن سامورا انتبهت فجأة.. وتناولت العلبة منها وهي تعتذر.. فرحت سوندا.. وفكت سامورا شرائط العلبة.. وفتحتها.. وجدت فيها بنطالاً رائعاً.. طارت من الفرح وهي تقلبه وتنظر إليه.. قالت لها سوندا: أتيتك بهذا البنطال.. لتلبسيه في سهرتك اليوم مع مسيو أندريه.. ولتلبسيه غداً في سهرتك مع مسير جابون.. هجمت سامورا على سوندا تقبلها.. لكنها لاحظت أن سوندا ترتجف من الانفعال.. قالت سوندا وهي تكاد تختنق: انتبهي إليّ جيداً يا سامورا.. فتراجعت سامورا وانتبهت.. رأت سوندا تتكلم كأنها راهب عتيق, قالت لها: سامورا.. إياك أن تخلعي هذا البنطال أثناء السهرة.. عجبت وسألت: ولماذا أخلعه يا سوندا.. بكت سوندا ورددت مرة ثانية: اذكري كلامي جيداً.. إياك أن تخلعي بنطالك يا سامورا.. إن خلعته ذهبت في طريق العذاب الذي ليس له آخر.. إياك ثم إياك.. إن خلعته يا سامورا سوف يزيد اللقطاء من أمثالي واحداً.. هل تريدين أن تزيدي عدد الأشقياء؟!
بكت سامورا، وألقت بنفسها على سريرها.. وزهي تصرخ: لا أريد.. لا أريد.. لا أريد..
اقتربت منها سوندا وهمست: لقد أوجعتك يا حبيبتي.. لكنني أقول لك من جديد: لا أريد إلا سعادتك يا سامورا.. لا أريد إلا سعادتك يا سامورا.. والآن.. أرجوك أن تسامحيني.. فقد تدخلت في حياتك.
قفزت سامورا من سريرها.. وضمت سوندا إلى صدرها وقالت لها: أنت عظيمة يا سوندا.. سأنفذ كل كلمة تقولينها لي.. رغم أنني لا أفهم ما تقولين..
لبست سوندا ثيابها وقالت: سأخرج لألقى خطيبي.. وسأترك لك الغرفة حتى إذا جاء مسيو أندريه وجدك لوحدك.. هيا البسي ثيابك.. والبسي بنطالك أولاً.. وقبل أن أذهب..
غسلت سامورا وجهها.. ويديها ورجليها.. ولبست ثيابها.. ولبست بنطالها.. عندها ودعتها سوندا وذهبت إلى خطيبها الذي ينتظرها.. قالت لها وهي تخرج: يجب أن لا تطول سهرتك يا سامورا.. سألقاك هنا في العاشرة.. فما رأيك.. أجابتها: سأكون هنا في العاشرة حتماً.. أنا متعبة.. يجب أن أنام.. حتى أستيقظ صباح الغد يا سوندا.. العمل هنا شاق جداً..
الجمعة نوفمبر 05, 2010 3:06 am من طرف ~ لج ـــــين~
» عبارات صور شكر و تشجيع متحركة و ردود للمواضيع للمنتديات
الخميس نوفمبر 04, 2010 7:15 pm من طرف miss shahoda
» سعودي يطلق زوجته بمجمع تجاري
الأحد أكتوبر 31, 2010 2:20 am من طرف عـــابرة سبيل
» ~~~ السرـــــــــ اليــــ يخليــــــــــ هيفاء وهبي على طولـــــــــ تتصور من جهه اليمينــ~~~
الأحد أكتوبر 31, 2010 2:17 am من طرف عـــابرة سبيل
» ((~~~نيو لوكـــــــــــ غاده عبد الرزاقــــــ~~~))) طالعهـــــــــ دمااااااااااااااااااااــــــــــر
الأحد أكتوبر 31, 2010 2:14 am من طرف عـــابرة سبيل
» آلمدينـہ آللـِـِۓ ξـآشٺ فيهـِـِآ هآيديـِۓ
الأحد أكتوبر 31, 2010 2:11 am من طرف عـــابرة سبيل
» رواية ثورة النساء
السبت أكتوبر 30, 2010 11:34 am من طرف ~ لج ـــــين~
» ليش ماتبتسم؟؟
الجمعة أكتوبر 29, 2010 7:00 am من طرف ~ لج ـــــين~
» هل تقبلين بالزواج من رجل اصغر منك
الجمعة أكتوبر 29, 2010 6:48 am من طرف ضايعه في الدنيا
» (( بأمااانة ..ماذا تفعلين إن رمى لك شاب ورقه فيها رقمه ))
الجمعة أكتوبر 29, 2010 6:40 am من طرف ضايعه في الدنيا